سورة الفتح - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفتح)


        


قوله عز وجل: {لَقَدْ رِضِي اللَّهُ عَنِ الْمُؤمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجرَةِ} كانت سبب هذه البيعة وهي بيعة الرضوان تأخر عثمان رضي الله عنه بمكة حين أنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية رسولاً إلى الإسلام فأبطأ وأرجف بقتله، فبايع أصحابه وبايعوه على الصبر والجهاد، وكانوا فيما رواه ابن عباس ألفاً وخمسمائة، وقال جابر: كانوا ألفاً وأربعمائة وقال عبد الله بن أبي أوفى: ألفاً وثلاثمائةً.
وكانت البيعة تحت الشجرة بالحديبية والشجرة سمرة. وسميت بيعة الرضوان، لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.
{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} فيه وجهان:
أحدهما: من صدق النية، قاله الفراء.
الثاني: من كراهة البيعة على أن يقاتلوا معه على الموت، قاله مقاتل.
{فَأَنزَلَ السَّكِينَة عَلَيْهِمْ} فيه وجهان:
أحدهما: فتح خيبر لقربها من الحديبية، قاله قتادة.
الثاني: فتح مكة.


قوله عز وجل: {وََعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} فيه قولان:
أحدهما: هي مغانم خيبر، قاله ابن زيد.
الثاني: هو كل مغنم غنمه المسلمون، قاله مجاهد.
{فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} فيه قولان:
أحدهما: مغانم خيبر، قاله مجاهد.
الثاني: صلح الحديبية، قاله ابن عباس.
{وَكَفَّ أيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: اليهود كف أيديهم عن المدينة عند خروجهم إلى الحديبية.
الثاني: قريش كف أيديهم عن المدينة عند خروجهم إلى الحديبية.
الثالث: أسد وغطفان الحليفان عليهم عيينة بن حصن ومالك بن عوف جاءوا لينصروا أهل خيبر، فألقى الله في قلوبهم الرعب فانهزموا.
{وَلِتَكُونَ ءَايَةً لِّلْمُؤمِنِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: ليكون كف أيديهم عنكم آية للمؤمنين.
الثاني: ليكون فتح خيبر آية أي علامة لصدق الله تعالى في وعده وصدق رسوله في خبره. قيل لتكون البيعة آية لهم.
قوله عز وجل: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أحَاطَ اللَّهُ بِهَا} فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: هي أرض فارس والروم وجميع ما فتحه المسلمون، قاله ابن عباس.
الثاني: هي مكة، قاله قتادة.
الثالث: هي أرض خيبر، قاله الضحاك.
في قوله: {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} وجهان:
أحدهما: قدر الله عليها، قاله ابن بحر.
الثاني: حفظها عليكم ليكون فتحها لكم.
قوله عز وجل: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} يعني طريقة الله وعادته السالفة نصر رسله وأوليائه على أعدائه.
وفي قوله: {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} وجهان:
أحدهما: ولن تتغير سنة الله وعادته في نصرك على أعدائك وأعدائه.
الثاني: لن تجد لعادة الله في نصر رسله مانعاً من الظفر بأعدائه وهو محتمل.
قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: كف أيديهم عنكم بالرعب وأيديكم عنهم بالنهي.
الثاني: كف أيديهم عنكم بالخذلان، وأيديكم عنهم بالاستبقاء لعلمه بحال من يسلم منهم.
الثالث: كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم بالصلح عام الحديبية.
{بِبَطْنِ مَكَّةَ} فيه قولان:
أحدهما: يريد به مكة.
الثاني: يريد به الحديبية لأن بعضها مضاف إلى الحرام.
وفي قوله: {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أظفركم عليهم بفتح مكة وتكون هذه نزلت بعد فتح مكة، وفيها دليل على أن مكة فتحت صلحاً لقوله {كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وأَيْدِيَكُمْ عَنهُم}.
الثاني: أظفركم عليهم بقضاء العمرة التي صدوكم عنها.
الثالث: أظفركم عليهم بما روي ثابت عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه من قبل التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوا من ظفروا به، فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقهم، فأنزل الله هذه الآية، فكان هذا هو الظفر.


قوله عز وجل: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} يعني قريشاً.
{وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} يعني منعوكم عن المسجد الحرام عام الحديبية حين أحرم النبي صلى الله علي وسلم مع أصحابه بعمرة.
{وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: محبوساً.
الثاني: واقفاً.
الثالث: مجموعاً، قاله أبو عمرو بن العلاء.
{أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} فيه قولان:
أحدهما: منحره، قاله الفراء.
الثاني: الحرم، قال الشافعي، والمحِل بكسر الحاء هو غاية الشيء، وبالفتح هو الموضع الذي يحله الناس، وكان الهدي سبعين بدنة.
{وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمْوهُمْ} أي لم تعلموا إيمانهم.
{أَن تَطَئُوهُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أن تطئوهم بخيلكم وأرجلكم فتقتلوهم، قاله ابن عباس.
الثاني: لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم يعلموهم أن يطئوا آباءهم فيهلك أبناؤهم، قاله الضحاك.
{فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ} فيها ستة أقاويل:
أحدها: الإثم، قاله ابن زيد.
الثاني: غرم الدية، قاله ابن إسحاق.
الثالث: كفارة قتل الخطأ، قاله الكلبي.
الرابع: الشدة، قاله قطرب.
الخامس: العيب.
السادس: الغم.
قوله عز وجل: {لَوْ تَزَيَّلُواْ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لو تميزوا، قاله ابن قتيبة.
الثاني: لو تفرقوا، قاله الكلبي.
الثالث: لو أزيلوا، قاله الضحاك حتى لا يختلط بمشركي مكة مسلم.
{لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً ألِيماً} وهو القتل بالسيف لكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
قوله عز وجل: {إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} يعني قريشاً. وفي حمية الجاهلية قولان:
أحدهما: العصبية لآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، والأنفة من أن يعبدوا غيرها، قاله ابن بحر.
الثاني: أنفتهم من الإقرار له بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم على عادته في الفاتحة، ومنعهم له من دخول مكة، قال الزهري.
ويحتمل ثالثاً: هو الاقتداء بآبائهم، وألا يخالفوا لهم عادة، ولا يلتزموا لغيرهم طاعة كما أخبر الله عنهم {إِنَّا وَجَدْنَا أَبَاءنا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].
{فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤمِنِينَ} يعني الصبر الذي صبروا والإجابة إلى ما سألوا، والصلح الذي عقدوه حتى عاد إليهم في مثل ذلك الشهر من السنة الثانية قاضياً لعمرته ظافراً بطلبته.
{وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} فيها أربعة أوجه:
أحدها: قول لا إله إلا الله، قاله ابن عباس، وهو يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: الإخلاص، قاله مجاهد.
الثالث: قول بسم الله الرحمن الرحيم، قاله الزهري.
الرابع: قولهم سمعنا وأطعنا بعد خوضهم. وسميت كلمة التقوى لأنهم يتقون بها غضب الله.
{وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} يحتمل وجهين:
أحدهما: وكانوا أحق بكلمة التقوى أن يقولوها.
الثاني: وكانوا أحق بمكة أن يدخلوها.
وفي من كان أحق بكلمة التقوى قولان:
أحدهما: أهل مكة كانوا أحق بكلمة التقوى أن يقولوها لتقدم إنذارهم لولا ما سلبوه من التوفيق.
الثاني: أهل المدينة أحق بكلمة التقوى حين قالوها، لتقدم إيمانهم حين صحبهم التوفيق.

1 | 2 | 3 | 4